مريم الهاشمي: رتابة النقد الافتراضي ضد الجوهر الإنساني

الدكتورة مريم الهاشمي ناقدة وأكاديمية إماراتية شغوفة بقضايا النقد، ومن بين القضايا التي تشغل الساحة الأدبية حالياً، ظهور منصات افتراضية منذ بداية جائحة كورونا، ويوماً بعد يوم أصبحت تلك المنصات شريكاً أساسياً في المشهد الثقافي برمته، ومع الاحترازات والتدابير التي اتخذتها الدول للحد من الفيروس، انتشرت وسادت المشهد وتفوقت على المنصات الواقعية.. وفي لقاء مع د. الهاشمي للحديث عن تلك الظاهرة التي فرضتها الظروف، تقرأ لنا المشهد من وجهة نظر متخصصة.
 في البداية أكدت الهاشمي أن النص الأدبي الإبداعي كالفرس الأصيل -كما يقول الغذامي- الذي يحتاج فارساً حقيقياً، وإلا يُلقي بالمتطفل على صهوته أرضاً، وهذا الفارس هو الناقد العارف والمتمكن بمداخل النص.

فكرة التواصل
وعن التمييز بين الواقعي والافتراضي قالت الهاشمي، إن الناقد المتمكن بمداخل النص لا فرق لديه إن كان النقد افتراضياً أو واقعياً أو حتى فضائياً، فالأساس هو التمكن، فالمشكل هنا لا يكمن في طريقة النقد وإنما في النقد ذاته وامتلاك ناصيته، فالنقد -وخاصة مع الجائحة- سنحت الفرصة أن يكون التواصل فيه على مساحة أكثر شمولية، وأسهمت في تقريب المسافات وسرّعت التفاعل بين البقاع الجغرافية، ولم يختلف علماء اللغة -قديماً وحديثاً- ولا الفلاسفة حول كون الإنسان قد خلق بطبيعته نازعاً إلى التواصل مع الآخرين.

 

التعايش مع الذات
وقالت الهاشمي: لا يمكننا أن نشيح عن أهمية جودة الحياة التي تؤثر في سمات الذات ودوافعها وبالتالي تحدد سلوكها، وما الإبداع إلا نمط من أنماط السلوك القادرة على التعايش مع الذات أولاً ومع الآخر ثانياً، فالتوازن الداخلي والخارجي هما من المطالب الأساسية للذات البشرية، وفي الوقت نفسه لا يسعنا إنكار أن الممارسة الحياتية أصبحت أكثر قلقاً وتعقيداً.

عزلة افتراضية
 ودعت الهاشمي إلى عدم الميل بالكلية للمنصات الافتراضية والاستغناء عن الواقعية، قائلة: لا يمكن تخفيف ذلك في عزلة افتراضية بعيدة عن روح اللقاء، تلك اللقاءات الدافئة التي تدفع المثقف للإبداع التعبيري والإنتاجي والابتكاري والتجديدي والتخيلي على السواء، وعن طريق العلاقات الحقيقية نستطيع أن نكون معبرين عن جوهر الإنسان في كل ذات، ذلك الجوهر الذي يمكن أن تدفنه الرتابة الافتراضية، وإن الإنسان بطبعه كائن خلاق وحالم لا يرضى بالرتابة ولا بالجمود ولذلك نجد له تاريخاً من خلال ثرائه الإنساني والثقافي، بينما ينعدم التاريخ لدى الكائنات الأخرى. والاحتكاك الواقعي بمثابة تفريغ أحلام وزرعها أو محاولة للتغيير المستمر، وحينما يفقد مجتمع أحلامه وعلاقاته يتحول إلى حال جامد يطمس القدرات الخلاقة لأفراده.